كُتب الأدب العربي مملؤة بنوادر الأعراب الأذكياء والظرفاء مع الخلفاء والأمراء.
وقد روي في الأدب العربي قصة أعرابيٍّ مع القائد العظيم قتيبة بن مسلم الباهلي رحمه الله.
تقول القصَّةُ : إن الأمير قتيبة بن مسلم الباهلي كان في سفر ومعه بعض أصحابه وأقاربه، وخيموا في الطريق يستريحون، فرأى قتيبة أعرابيا يمر بهم فقال لأَحَدِ أقاربه - وكان اسمه عبدالله - يا عبدالله عليك به.
وهو يريد بذلك أن يسمع أجوبة الأعرابي، فقال له عبدالله : أيُّها الأمير إن ألسنة الأعراب حادة، وأجوبتهم جادة، وقد يصيبنا منه ما نحن في غنى عنه. قال لا بد.
فنادى عبدالله على الأعرابي، فأقبل وألقى السلام فقال له اجلس. ثم سأله: مـمن الرجل؟
قال الأعرابي: من قبيلة عاملة. قال نَعَمْ قَبِيلَةٌ مشهورة ذُكِرَت في القرآن! ففرح الأعرابيُّ وشعر بالفخر، وقال كيف هذا؟
قال: جاء في القرآن: "عَامِلَةٌ نَّاصِبَةٌ تَصْلَىٰ نَارًا حَامِيَةً" فسكت الأعرابي ولم يستطع أن يقول شيئاً، ثم قال لعبد الله وأنت أيها الرجل، من أي قوم إذاً؟
فقال وهو خائفٌ من كلام الأعرابي: أنا من قبيلة كبيرة عَظِيمة لستُ أذكرها لك ولكني أسألك: ما رأيك في قبيلة باهلة؟
فقال الأعرابي في (مكرٍ): ما سمعت بها. وهل هناك من قبائل العرب ما يدعى باهلة؟!
فضحك الجالسون، فقال عبدالله: أتحب أن تكون وزيراً وأنتَ بَاهِلِي؟ فقال الأعرابي: أعوذ بالله!
قال: أيسرك أن تكون أميراً وأنت باهلي؟ قال معاذ الله! قال: أيسرك أن تكون خليفة على الناس وأنت باهلي؟
قال:لا والله ولا أن يكون لي ما طلعت عليه الشمس.
فقال له عبدالله: أيسركَ أن تدخل الجنة وأنت باهلي؟
فتفكَّر الأعرابي ثم قال: أقبلُ بِشَرْطٍ واحدٍ، قال عبد الله وما الشرط؟
قال الأعرابي: ألَّا يعلم أهل الجنة أني باهلي! فضحك الناس وأُحْرِجَ عبدُالله.
فنظر إليه الأعرابي وقال: إني والله أخشى أن تكون باهليا!!
قال: نعم أنا باهلي!
فإذا الأعرابي يقوم بسرعة إلى عبد الله ويقبل يديه ورأسه، فقال عبد الله وما ذاك ؟!
قال الأعرابي : والله ما ابتلاك الله بهذا الابتلاء إلا وأنت من أهل الجنة، ومثلك يُتبَرَّك به!
فضج القوم بالضحك، ومال عبدالله على قتيبة وقال: أما قلتُ لك قد يصيبنا من كلامِه ما نكره؟!
المصدر : اللسان العربي
إرسال تعليق