مفهوم الإرجاء و المرجئة:
المرجئة لغة: من الإرجاء: وهو التأخير والإمهال ، قال تعالى :(: قَالُوا أَرْجِهِ وَأَخَاهُ وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ )[الشعراء: 36]. أي أمهله، ومن الرجاء، ضد اليأس وهو الأمل . قال تعالى: يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [البقرة: 218].
المرجئة اصطلاحاً:
كانت المرجئة في آخر القرن الأول تطلق على فئتين، كما قال الإمام ابن عيينة:
قوم أرجئوا أمر علي وعثمان فقد مضى أولئك.
فأما المرجئة اليوم فهم يقولون: الإيمان قول بلا عمل واستقر ، المعنى الاصطلاحي للمرجئة عند السلف على المعنى الثاني ، وهو القول بأن: الإيمان هو التصديق أو التصديق والقول، أو الإيمان قول بلا عمل، "أي إخراج الأعمال من مسمى الإيمان"، وعليه فإن: من قال الإيمان لا يزيد ولا ينقص، وأنه لا يجوز الاستثناء في الإيمان ، من قال بهذه الأمور أو بعضها فهو مرجئ.
ثم أطلق الإرجاء على أصناف أخرى كالجهمية القائلين بأن الإيمان هو المعرفة فقط، والكرامية القائلين بأن الإيمان هو قول اللسان فقط.
نـشـأة الإرجـاء وجذوره.
روى الإمام مسلم في "صحيحه" عن حذيفة بن اليمان- رضي الله عنه- قال: (كنا عند عمر فقال: أيكم يحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفتنة كما قال؟
قال: فقلت :أنا!
قال: إنك لجريء، وكيف قال؟
قال: قلت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:((فتنة الرجل في أهله وماله ونفسه وولده وجاره، يكفرها الصيام والصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر )).
فقال عمر: ليس هذا أريد. إنما أريد التي تموج كموج البحر!
قال: فقلت: مالك و لها يا أمير المؤمنين، إن بينك وبينها باباً مغلقاً!
قال: أفيكسر الباب أم يفتح؟
قال: لا. بل يكسر!
قال : ذلك أحرى ألا يغلق أبداً .
قال : فقلنا لحذيفة : هل كان عمر يعلم من الباب؟
قال : نعم, كما يعلم أن دون غد الليلة ، إني حدثته حديثاً ليس بالأغاليط .
قال- أي الراوي عن حذيفة وهو شقيق - : فهبنا أن نسأل حذيفة من الباب، فقلنا لمسروق فسأله، فقال: عمر)
يعد هذا الخبر الجليل أول إشارة حقيقية - بعد القضاء على المرتدين من قبل خليفة المسلمين الأول أبو بكر رضي الله عنه - لبداية ظهور الفتن التي تتابعت بالفعل بعد موت عمر بن الخطاب رضي الله عنه مقتولا ومن خلفه عثمان واختلاف الأمة وحدوث الاقتتال بين الصحابة رضي الله عنهم ثم مقتل علي رضي الله عنه آخر خلفاء الجيل الأبيض النَّاصع .
وعلى كل حال فقد ظهرت في هذه الحقبة غلاة المسلمين في شتى أمور الديانة وعلى رأسهم الخوارج بالغلو في التكفير و في المقابل ظهرت المرجئة التي تعمل على الطرف الثاني من الانحراف ويرون كما سبق أن الكفر لا يكون بالعمل لأن العمل ليس داخلا في مسمى الإيمان أصلا وأرى أنه قد يكون من المبالغة اليسيرة إرجاع جذور المرجئة لما ذكره د. سفر الحوالي ، ولكن لا يُستبعد احتمال ذلك إذ مثل ذلك الأمر من المحتمل أن يكون منطلقا لتأصيلات المرجئة و قواعدهم ، فيقول "وكان من هذه الفئة فرقة أقل غلواً وشططاً، فقالوا: لقد حدث من الصحابة ما حدث ، وهم على الدرجة العليا من الفضل والعلم إلا أن في الأمر ما لا نستطيع إدراكه ولا نأمن مغبة الحكم عليه، وإذا كنا عاجزين عن تصور حقيقة القضية ولم يكن بالإمكان ترجيح أحد طرفيها، فلنقف موقفاً وسطاً بين القول بأنهم على الحق الذي يتنافى مع ما بدر منهم من خلاف واقتتال وبين القول بأنهم على الباطل .
وهذا الموقف- في رأيهم- هو أن نبرئ أنفسنا من الوقوف مع أحد منهم أو عليه، فنكل أمر الجميع إلى الله وهو الذي يتولى حسابهم أما نحن فلا نوالي أحداً منهم ولا نعاديه ولا نشهد له بحق ولا باطل.
ولم تستطع هذه الفرقة الأخيرة أن تتجرأ على تكفير الصحابة كحال نظيرتها الأولى، ورأوا أن الذي يتفق مع موقفهم، هو اعتقاد أن ما ارتكبوه - أي الصحابة - هو دون الشرك بالله تعالى، ومن ثم فهم داخلون تحت المشيئة.
وهذه هي الطائفة التي يصح أن توصف بأنها أصل الإرجاء، سواء منه ما نشأ في أحضان الخوارج وهو الأعم الأغلب، أو ما كان آراء فردية ومواقف نفسية، مثلما ينسب إلى الحسن بن محمد."
عقيدة المرجئة.
لعلك قد تصورت من خلال ما سبق أن المرجئة فئة منحرفة في مسائل الإيمان ، ويرون أنَّ العبد مهما اقترف من الذنوب و المعاصي سواء أكانت مكفرة أم لا فإنه لا يزول عنه مسمى الإيمان بل لا ينقص أصلا ، فالإيمان لا يزيد عندهم ولا ينقص ، ومرتكبوا الكبائر مؤمنون كاملوا الإيمان متساوون حتى مع كبار الصحابة.
ويلخص ابن القيم رحمه الله عقيدة المرجئة في نونيته فيقول :
واقتل اذا ما استطعت كل موحد*** وتمسحن بالقس والصلبان
واشتم جميع المرسلين ومن أتوا*** من عنده جهرا بلا كتمان
وإذا رأيت حجارة فاسجد لها*** بل خر للأصنام والأوثان
وأقر أن رسوله حقا أتى*** من عنده بالوحي والقرآن
فتكون حقا مؤمنا وجميع ذا*** وزر عليك وليس بالكفران
هذا هو الارجاء عند غلاتهم*** من كل جهمي أخي الشيطان
ذم السلف للإرجاء وأهله:
لقد أدرك السلف خطورة القول بالإرجاء وتصدوا له من أول وهلة، حتى صار بينهم وبين القائلين به الخصومات الدينية ، وقاموا بتفنيد أدلتهم والرد عليها ، وشدوا عليهم في الذم والإنكار، وزادوا في بيان شناعة بدعتهم وضلالتهم وأن العمل بمقتضاها يوجب شيوع الكفر والاستهانة به بين الناس.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: ( قَالَ أَحْمَد بْنُ حَنْبَلٍ: حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ حَيَّانَ حَدَّثَنَا مَعْقِلُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَبْسِيُّ قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا سَالِمٌ الْأَفْطَسُ بِالْإِرْجَاءِ فَنَفَرَ مِنْهُ أَصْحَابُنَا نُفُورًا شَدِيدًا مِنْهُمْ مَيْمُونُ بْنُ مهران وَعَبْدُ الْكَرِيمِ بْنُ مَالِكٍ فَإِنَّهُ عَاهَدَ اللَّهَ أَنْ لَا يُؤْوِيَهُ وَإِيَّاهُ سَقْفُ بَيْتٍ إلَّا الْمَسْجِدُ)
(... ثُمَّ قَالَ: قَدِمْت الْمَدِينَةَ فَجَلَسْت إلَى نَافِعٍ فَقُلْت: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ إنَّ لِي إلَيْك حَاجَةً فَقَالَ: سِرٌّ أَمْ عَلَانِيَةٌ؟ فَقُلْت: لَا بَلْ سِرٌّ: قَالَ: رُبَّ سِرٍّ لَا خَيْرَ فِيهِ فَقُلْت: لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ فَلَمَّا صَلَّيْنَا الْعَصْرَ قَامَ وَأَخَذَ بِثَوْبِي ثُمَّ خَرَجَ مِنْ الْخَوْخَةِ وَلَمْ يَنْتَظِرْ الْقَاصَّ فَقَالَ: حَاجَتُك؟ قَالَ فَقُلْت: أخلني هَذَا. فَقَالَ: تَنَحَّ؛ قَالَ: فَذَكَرْت لَهُ قَوْلَهُمْ. فَقَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ: " {أُمِرْت أَنْ أَضْرِبَهُمْ بِالسَّيْفِ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ؛ فَإِذَا قَالُوا: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلَّا بِحَقِّهَا وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ} " قَالَ: قُلْت: إنَّهُمْ يَقُولُونَ: نَحْنُ نُقِرُّ بِأَنَّ الصَّلَاةَ فَرْضٌ وَلَا نُصَلِّي؛ وَبِأَنَّ الْخَمْرَ حَرَامٌ وَنَشْرَبُهَا؛ وَأَنَّ نِكَاحَ الْأُمَّهَاتِ حَرَامٌ وَنَحْنُ نَنْكِحُ. فَنَثَرَ يَدَهُ مِنْ يَدِي وَقَالَ: مَنْ فَعَلَ هَذَا فَهُوَ كَافِرٌ.)
الفرق بين مرجئة العصر و مذهب أهل السنة والجماعة:
بالرغم من إظهار المرجئة المعاصرين لقول أهل السنة على مستوى التعريف النظري إلا أنهم لم يصلوا في أفضل حالهم لحال بعض المرجئة القدامى الذين اقتربوا من كلام أهل السنة، فجعلوا الأعمال شرطا في صحة الإيمان وبعضهم جعلها لازما من لوازمه؛ ما يعني أن الإيمان يزول إذا انتفى وجود لازمه وهو العمل، ومع كل هذا أنكر عليهم السلف على مستوى النظر والفهم وسموهم بالمرجئة لإخراجهم العمل عن مسمى الإيمان وإن كان الخلاف عندئذ يكون لفظيا، أما مرجئة الزمان فقد كانوا أكثر شططا من ذلك حتى بلغ الكلام ببعضهم مبلغ الغلاة في الإرجاء، وذلك حين أخرجوا العمل من مسمى الإيمان وافترضوا أن الرجل يكون مسلما وإن لم يأت بأي عمل من أعمال الدين.
فلم يجرؤ مرجئة العصر بإظهار مخالفة ما استقر عليهم أمر الناس من رجحان طريقة السلف وصحة مذهبهم الذي أجمعوا عليه وبطلان مذاهب مخالفيهم ، لذا اعتمدوا هذه الطريقة فأظهروا قولهم في الإيمان وقالوا وأقروا بما أجمع عليه أهل السنة من أن الإيمان "قول وعمل يزيد وينقص"
ثم عمدوا إلى هذه الأقوال فأظهروا لها معنى مخالف لظاهر كلام السلف مغاير لما قصدوه وموافق لمذهب الإرجاء.
ونعرف مقصود السلف مما نصوا عليه وقرروه في غير موضع وزاد شيخ الإسلام ابن تيمية في بيانه وإيضاحه فقال:(وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنَّ مَنْ قَالَ مِنْ السَّلَفِ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ أَرَادَ قَوْلَ الْقَلْبِ وَاللِّسَانِ وَعَمَلَ الْقَلْبِ وَالْجَوَارِحِ؛ وَمَنْ أَرَادَ الِاعْتِقَادَ رَأَى أَنَّ لَفْظَ الْقَوْلِ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ إلَّا الْقَوْلُ الظَّاهِرُ أَوْ خَافَ ذَلِكَ فَزَادَ الِاعْتِقَادُ بِالْقَلْبِ وَمَنْ قَالَ: قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَنِيَّةٌ قَالَ: الْقَوْلُ يَتَنَاوَلُ الِاعْتِقَادَ وَقَوْلَ اللِّسَانِ وَأَمَّا الْعَمَلُ فَقَدْ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ النِّيَّةُ فَزَادَ ذَلِكَ وَمَنْ زَادَ اتِّبَاعَ السُّنَّةِ فَلِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ لَا يَكُونُ مَحْبُوبًا لِلَّهِ إلَّا بِاتِّبَاعِ السُّنَّةِ وَأُولَئِكَ لَمْ يُرِيدُوا كُلَّ قَوْلٍ وَعَمَلٍ إنَّمَا أَرَادُوا مَا كَانَ مَشْرُوعًا مِنْ الْأَقْوَالِ وَالْأَعْمَالِ وَلَكِنْ كَانَ مَقْصُودُهُمْ الرَّدَّ عَلَى "الْمُرْجِئَةِ" الَّذِينَ جَعَلُوهُ قَوْلًا فَقَطْ فَقَالُوا: بَلْ هُوَ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَاَلَّذِينَ جَعَلُوهُ "أَرْبَعَةَ أَقْسَامٍ" فَسَّرُوا مُرَادَهُمْ كَمَا سُئِلَ سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التستري عَنْ الْإِيمَانِ مَا هُوَ؟ فَقَالَ: قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَنِيَّةٌ وَسُنَّةٌ لِأَنَّ الْإِيمَانَ إذَا كَانَ قَوْلًا بِلَا عَمَلٍ فَهُوَ كُفْرٌ وَإِذَا كَانَ قَوْلًا وَعَمَلًا بِلَا نِيَّةٍ فَهُوَ نِفَاقٌ وَإِذَا كَانَ قَوْلًا وَعَمَلًا وَنِيَّةً بِلَا سُنَّةٍ فَهُوَ بِدْعَةٌ.)
بل نقل شيخ الإسلام هذا المراد والمفهوم بجلاء ووضوح عن الإمام الشافعي الذي عده إجماعا عن الصحابة والتابعين:(وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي كِتَابِ " الْأُمِّ " فِي بَابِ النِّيَّةِ فِي الصَّلَاةِ: يُحْتَجُّ بِأَنْ لَا تُجْزِئَ صَلَاةٌ إلَّا بِنِيَّةِ بِحَدِيثِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " {إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ} " ثُمَّ قَالَ: وَكَانَ الْإِجْمَاعُ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ وَمَنْ أَدْرَكْنَاهُمْ يَقُولُونَ: الْإِيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ وَنِيَّةٌ لَا يُجْزِئُ وَاحِدٌ مِنْ الثَّلَاثِ إلَّا بِالْآخَرِ)
فقال المرجئة المعاصرون: الإيمان قول وعمل، هذا في الإيمان الواجب أو الكامل أما في حقيقة الإيمان أو أصله فلا يدخل فيه الأعمال، فهو يقوم بغير العمل حيث أن العمل من الكمالات وليس جزء من حقيقته ولا ركن من أركانه، بل ولا حتى لازما من لوازمه التي يزول بزوالها، وإنما جعلوا العمل شرطا في حصول كمال الإيمان.
الآثار الوخيمة المترتبة على الفكر الإرجائي.
لعلك تستطيع أن تقف بنفسك على أهم النتائج الذي قد يؤدي إليها الفكر الإرجائي وما سيترتب عليه من آثار تضر بالأمة و أهم هذه النتائج ما يلي :
ربط الكفر بالاستحلال .
يقول د. علي الزهراني :" وكان لهذه العقيدة آثار عميقة المدى على هذه الأمة ،بل هي في عصرنا هذا أساس للضلال و التخبط الواقع في مسألة التكفير ومنها نشأ التوسع في استخدام شرط الاستحلال حتى اشترطوه في أعمال الكفر الصريحة كإهانة المصحف وسب الرسول صلى الله عليه وسلم وإلغاء شريعة الله فقالوا لا يكفر فاعلها إلا إذا كان مستحلا بقلبه !!
واشترط بعضهم مساءلة المرتد قبل الحكم عليه فإن أقر أنه يعتقد أن فعله كُفرٌ كَفَرَ وإن قال إنه مصدق بقلبه ويعتقد أن الإسلام أفضل مما هو عليه من الردة لم يكفروه.
ظهور الشرك و الفسق في الأمة
إذا كان ظهور الفسق في الأمة من آثار الفكر الإرجائي قد وقع في القرن الثاني الهجري حتى حمل السلف عليه حملة عظيمة، فكيف الحال بعد ذلك ، لقد تفاقم الفسق و الفجور مع مرور الأيام بل لقد وقع الشرك الأكبر و تفشت مظاهره و استمرت تسري في المجتمعات الإسلامية سريان النار في الهشيم عبر القرون .
تعطيل الحكم بما أنزل الله.
كان من الطبيعي أن تسبدل أحكام الشريعة الاسلامية بأحكام البشر القاصرة بزعم مواكبة العصر، و التي ساعدعلى انتشار ها و التجاسر على ذلك المد الفكر الارجائي وعنه ظهر شرك العصر المعروف وهو شرك الاتباع و التشريع بغير بما أنزل الله ، فألغيت المحاكم الشرعية في أكثر البلدان ومن بقيت فيها حُجِّم دورها وقُلِّصت صلاحياتها ، وشُيَّدت المحاكم الوضعية التي تحكم بالقانون الملفَّق من شرائع شتى و قوانين كثيرة كا القانون الفرنسي و القانون الأمريكي و القانون البريطاني ، ومن مذاهب بعض البدعيين المنتسبين للشريعة وغير ذلك .
فهذه المحاكم الآن في كثير من أمصار الإسلام مهيَّأة مكملة مفتوحة الأبواب ، و الناس إليها أسراب إثر أسراب يحكم حُكَّامها بينهم بما يخالف حكم السنة و الكتاب من أحكام ذلك القانون وتلزمهم بها ، وتقرهم عليه وتحتمه عليهم .
فأي كفر فوق هذا الكفر وأي مناقضة للشهادة بأن محمدا رسول الله بعد هذه المناقضة.
إرسال تعليق